آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 12:28 م

هل للزمن تأثير على الإنسان؟

عيسى العيد *

لا زال الاختلاف قائمًا ومفتوحًا حول تعريف الزمن. وقد طرحت نظريتان تعريفيتان للزمن:

الأولى، الزمن المطلق، التي ينظر إليها نيوتن باعتباره كيانًا مطلقًا ومستمرًا كالنهر، يجري بغض النظر عما يجري داخله. هذا المفهوم يشير إلى أن الزمن يتحرك بصورة مستقلة عن الأحداث التي تحدث في الكون.

أما الثانية، الزمن النسبي، فهي رؤية كل من كانط وآينشتاين، حيث يعتبران الزمن ليس حقيقة مستقلة بذاته، بل يعتمد على إدراكنا وتجاربنا. في هذا الإطار، يصبح الزمن مرتبطًا بتجاربنا الذاتية، مما يخلق شعورًا مختلفًا عن الزمن في مواقف متعددة.

كلا النظريتين صحيحة ومنطقية، فالزمن نعيشه ويمر بنا بغض النظر عن تصرفاتنا وعاداتنا وتجاربنا المختلفة. لكن نحن من نبلور ذكرياتنا وتجاربنا بجزء بسيط من الزمن الذي يمر علينا، وتنعكس تلك الذكريات والتجارب في الزمن.

النتيجة هي أن الزمن يؤثر ويتأثر. وبعدما عرفنا كيف نؤثر فيه من خلال تجاربنا، يطرح السؤال: كيف يؤثر الزمن في تجاربنا وذكرياتنا المختلفة؟

هناك عدة مؤثرات، منها:

الإدراك الحسي، الذي يؤثر في لحظات حياتنا حسب المزاج والحواس. فمثلًا، عندما نكون في حالة من الفرح، نشعر أن الوقت يمر بسرعة، بينما في لحظات الحزن قد يبدو الزمن متوقفًا.

الذاكرة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل تجربتنا. فالأحداث المثيرة للاهتمام، مثل الأزمات أو اللحظات السعيدة، تترك بصمة في ذاكرتنا. على سبيل المثال، أزمة كورونا كان لها تأثير عميق على ذاكرة الأجيال، حيث ارتبطت تلك الفترة تاريخيًا بالعديد من التغييرات.

أيضًا، تطور الهوية له دور كبير في تشكيل هويتنا. ليس من المعقول أن تظل هويتنا كما كانت قبل الثورة المعلوماتية، بل من المؤكد أنها تطورت وتبدلت من زمن إلى آخر، مما يعكس تأثير الزمن على مسارات حياتنا مثال ذلك أدوات التواصل الاجتماعي لها دور كبير في الانفتاح على ثقافات متعددة ومختلفة والتي تلعب دور في تغير بعض الثقافات ومن خلالها تتشكل الهوية.

بهذا، يتضح أن الزمن له تأثير واضح على حياة الإنسان، وهو متأثر به، متسقًا مع ما طرحه الفلاسفة من نظرية الزمن المطلق أو النسبي. الزمن هو أكثر من مجرد قياس؛ إنه جزء لا يتجزأ من تجربتنا الإنسانية.