آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

لست كما تظن

سوزان آل حمود *

تعتبر العلاقات الإنسانية من أبرز جوانب الحياة التي تشكل تجارب الأفراد وتؤثر في تشكيل شخصياتهم. فكل علاقة تحمل في طياتها معاني ودروساً متعددة، وتساعد الأفراد على فهم أنفسهم والآخرين بشكل أعمق.

غالباً ما تتشكل نظرة الأفراد لبعضهم بناءً على انطباعات سطحية أو توقعات مسبقة. هذه النظرات تعتمد على المظاهر أو سلوكيات معينة، وقد تؤدي إلى أفكار خاطئة حول شخصية الفرد. من المهم أن ندرك أن كل شخص يحمل في داخله عالماً من المشاعر والأفكار التي قد تتعارض مع ما يظهره للآخرين.

هل يجب أن يتشابه الأصدقاء في كل شيء، من أسلوب اللبس إلى تفضيلات الطعام؟

يتعين علينا أن نفهم أن الاختلاف هو ما يثري العلاقات. فالأصدقاء يجب أن يدعموا بعضهم البعض في اختلافاتهم، بدلاً من محاولة فرض أذواقهم على الآخرين. إن الصداقة الحقيقية تعني قبول الآخر كما هو..

الصداقة ليست تملك

تتجلى في بعض الأحيان فكرة أن الصداقة تعني تملك الشخص الآخر، مما يؤدي إلى مشاعر التملك والغيرة. لكن، يجب أن نعي أن الصداقة الحقيقية تتطلب الحرية والاحترام المتبادل. كل فرد لديه حقه في اتخاذ قراراته الخاصة، ويجب أن يُنظر إلى الأصدقاء كرفاق في الرحلة وليس كأشياء نملكها.

من المهم أن ندرك أن كل فرد يتميز بصفاته الخاصة وسلوكياته الفريدة. هذه الاختلافات هي ما تجعل العلاقات الإنسانية غنية ومتنوعة. فالشخص الذي يتصرف بشكل مختلف أو يختار نمط حياة مغاير لا يعني أنه أقل قيمة أو جدارة بالصداقة. بل، يمكن أن تكون هذه الاختلافات هي ما يعزز الروابط بين الأفراد.

الشخص الطبيعي هو الذي يقبل نفسه كما هو، دون الحاجة إلى التصنع أو التظاهر. إن تقمص شخصية أخرى من أجل جذب انتباه الآخرين يمكن أن يؤدي إلى علاقات غير صادقة ومؤلمة. يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، فالصداقة الحقيقية تتطلب الشفافية والصدق.

”لست كما تظن ولن أكون كما ترغب“

هذه العبارة تمثل دعوة للتفكير والتأمل. نحن كأفراد، لدينا الحق في أن نكون أنفسنا، بغض النظر عن توقعات الآخرين. يجب أن نتقبل أنفسنا كما نحن، وأن نتعلم كيف نتعامل مع توقعات الآخرين بطريقة صحية. العلاقات التي تتأسس على الاحترام المتبادل والقبول هي تلك التي تدوم وتزدهر.

ختامًا

دعونا نتذكر أن كل واحد منا يحمل في داخله عالماً خاصاً به. الفهم العميق والاحترام لهذه العوالم هو ما يجعل العلاقات الإنسانية غنية ومعقدة. لنتقبل الاختلافات، ولنكن صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، لأن في النهاية، ”لست كما تظن ولن أكون كما ترغب“.