الكاتب وأخلاقياته وما يكتب
بقلمك أخي الكاتب تُقدّم رسالة مُنقّحة بصورة حضارية لمكارم الأخلاق والحثّ على حسن التعامل والإصلاح. أنت مُعلّم للأجيال، مُوجّه للصغار والكبار، تُضيء مصباحًا بثقافتك يرسم بنوره طريق الصواب.
فاعلم أن قيمة ما تُشارك به في صدقه ونفعه وبيان ما تطرح. ليكن ما تخطّه أناملك صدقًا من بنات أفكارك، وحقًا مطابقًا لواقع فعلك وقولك، ومن السبّاقين إلى تنفيذه فأنت الأولى به. لا تُخالف اتّباع ما وجّهت إليه، أو ترتكب ما نهيت عنه. لا تُكذّب كلماتك بسمعة مشينة تسلكها فتسيء لمهنتك. لا تُطعم شهدًا وتتغذّى قمامة ”حينها تضع نفسك في ريبة وحرج، تصرّفك هذا يوحي بوجود شيء تدور حوله الشكوك، أن ما قدّمته غير صالح وإن كان سليمًا وقتها مُتابعوك أوفر حظًا منك“. تنثر الطيب يشمّه الأبعدون ورائحتك نتنة! تهدي تمرًا لذيذًا وتأكل نواة جافة الكلّ يعرض عنها! أنت هنا لنفسك ظالم ”يُفقَد فيك الأمل ويُساء بك الظنّ“.
كن الإنسان المثالي لا المتسكّع البائس في غير حاجة وعندك ما يُغنيك. عجبًا! تُداوي وأنت محتاج لمداوي؟ تُصلح بين خصمين وتُخاصم كلّ ساعة اثنين؟ صِلوا الأرحام ولا تعرف أقربهم؟ توصي بالجار ولا يهنأ بسبات على موقف سيارة يطول بينكما الخصام؟ تتكلّم عن الصداقة وتُخذل صديقك وقت حاجته إليك؟ تتغنّى بالمثالية الأسرية وأهل بيتك أشقى الخلق بك؟ وفي العدالة كلّك ميل عند إطراء من تُحبّ على حساب مُحقّ تكره، ومُزايدات بما ليس فيه، ذلك إجحاف وكذب وتزوير. تدعو للتواضع ومُصعّر خدّك تمشي مرحًا؟ في نفسك عجب أنك الأعلى ومن حولك الأدنى! وبيننا الذي لا يكتب ولا يُجيد القراءة فكره أرقى من بعض الكُتّاب. تُنادي بالقانون وأكثر من يُخالفه! وبمعنى أعمّ وأشمل ”لا ترمِ بحجر وصدرك مكشوف للسهام، أم كيف يُغرّد الأصمّ ويُستهلّ المبصر؟“
وقتها ينطبق عليك ما قاله أبو الأسود الدؤلي:
يا أيّها الرجل المُعلّم غيره
هلاّ لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السّقام وذي الضّنى
كيما يصحّ به وأنت سقيم
تحرّى، تأكّد من إسناد ما تُشارك به ومفردات ما تكتب، لأنّك ثقة قرّائك ”إنّك تاريخ فيما بعد يُروى - قال عمرو ويُنقل عن زيد“. اكتب ما يُلائم عقول المعنيّين على اختلاف مُستوياتهم، المتواضعة ليستوعبوه بسهولة. لا تُخاطب البسيط بما لا يفهمه إلّا العالم ومُختصّ اللغة. جدّد، حقّق. تقبّل النقد بروح مرحة كما تُحبّ أن يُقبل نُصحك ويُؤثّر ”لك فكر وللنّاس أفكار، حضر شيء وغابت عنك أشياء“. استفد منه، صحّح على ضوئه مسارك إن لزم الأمر ورأيته حسنًا، أو دعه دون توجّس، إنّه يعكس رجاحة عقلك ونضج فكرك. إن حملت المبادئ والقيم كُنت سيّدًا، ولن تصل لذلك إلّا بالمصداقية والعمل المُخلص، ولا تكن الثانية تحمل أسفارًا وتُصبح مُسوّدًا.