آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 5:22 م

سقف التوقعات: مفتاح التوازن في الحياة

عيسى العيد *

لا شك أن كل إنسان يسعى لتلقي احترام الآخرين، فالرغبة في الحصول على تقدير من حولنا طبيعية ومشتركة بين الجميع. وقد لا تجد أحدًا إلا وله ميزة يحاول من خلالها لفت انتباه من حوله، سواء بأناقة مظهره، بتحسين أخلاقه وأسلوب كلامه، أو حتى بتقديم إنجازات تثير الإعجاب. وفي المقابل، هناك من يلفت الانتباه بأساليب مختلفة، مثل المشاغبة التي غالبًا ما تبرز لدى المراهقين بحثًا عن إثبات الذات.

ولكن، مهما كانت الطريقة، فإن الجميع يتطلعون للحصول على تقدير خاص لما يمتلكونه من صفات أو قدرات. هنا يظهر مفهوم“سقف التوقعات”، وهو ما نضعه لأنفسنا من معايير حول مستوى الاحترام أو التقدير الذي نعتقد أننا نستحقه من الآخرين.

كثيرًا ما تكون توقعاتنا مرتفعة جدًا، حتى إنها تصل في أذهاننا إلى نسبة مئة بالمئة. وما أن تنخفض تلك النسبة قليلًا، ولو بدرجة واحدة، نجد أنفسنا نشعر بخيبة أمل أو حزن، معتقدين أن من حولنا لم يمنحونا ما نستحقه من تقدير.

لماذا ترتفع توقعاتنا؟

يرجع هذا الشعور، غالبًا، إلى أننا نضع توقعات مبالغ فيها من الآخرين، إما بسبب تجاربنا السابقة أو بناءً على اعتقادنا أننا نتميز عن غيرنا بشكل كبير. ولكن لو أننا نظرنا بموضوعية ووازنّا سقف توقعاتنا، لأدركنا أننا نحصل على الاحترام والتقدير الفعلي الذي نستحقه، وربما أكثر.

مثال للتوضيح:

تخيل أنك قمت بزيارة إحدى الشخصيات ذات الاعتبار المرتفع. إذا وضعت توقعاتك في استقباله على أعلى مستوى ممكن، مثل أن يستقبلك استقبالًا رسميًا مفعمًا بالحفاوة بنسبة مئة بالمئة، فقد تُصاب بخيبة أمل إذا وجدته منشغلًا أو مضطرًا للتعامل مع ظروف طارئة. ولكن إذا جعلت توقعاتك متوازنة ومنخفضة، فستشعر برضا وسعادة حتى من استقبال بسيط، لأنك لم تثقل كاهلك بتوقعات كبيرة.

هذه الفكرة لا تنطبق فقط على زيارة الشخصيات، بل تمتد إلى كل جوانب حياتنا اليومية. فعلى سبيل المثال، عندما نطلب خدمة من شخص قريب أو نتوقع رد فعل معين من أصدقائنا وأفراد أسرتنا، فإن التوقعات المبالغ فيها قد تؤدي إلى شعورنا بالإحباط إذا لم يتحقق ما كنا ننتظره.

كيف نوازن سقف توقعاتنا؟

التوازن في التوقعات يبدأ بالاعتراف بأن الكمال غير موجود، وأن كل إنسان لديه ظروفه الخاصة التي قد تؤثر على تعامله معنا. من المهم أن نفهم أن الاحترام والتقدير قد يظهران بطرق مختلفة، وليس بالضرورة بالطريقة التي نتوقعها نحن.

التوازن في التوقعات يريح النفس ويمنحنا السلام الداخلي. فكلما كانت توقعاتنا متوازنة وواقعية، تلقينا ما نريده بطريقة سليمة وسلسة، دون أن نشعر بالإحباط أو نثقل كاهلنا بما لا داعي له. وهذا التوازن لا ينطبق فقط على توقعاتنا من الآخرين، بل يمتد إلى جميع نواحي حياتنا، سواء كانت علاقاتنا الشخصية، أهدافنا المهنية، أو حتى طموحاتنا المستقبلية.