آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 9:58 م

طبيبة «صفوة المدن» تتبرع بكليتها

عبد العظيم الصادق *

في مبادرة إنسانية تعكس روح العطاء والتفاني، قامت الدكتورة ولاء جابر عبد الله آل حمدان، الطبيبة المميزة من مدينة صفوى «صفوة المدن»، بالتبرع بكليتها لإنقاذ حياة مواطنة سعودية، دون وجود سابق معرفة بينهما. وقد اتخذت هذا القرار تقربًا إلى الله واستجابةً لنداء الواجب الوطني.

تقول الدكتورة ولاء: ”كانت فكرة التبرع تراودني منذ أكثر من عشر سنوات، وبدأت برغبة في التبرع بالدم. إلا أن الظروف حالت دون تحقيق ذلك. وفي مطلع عام 2024، صادفت إعلانًا عبر منصة ’سناب شات’ يطلب التبرع بكُلية لمواطنة بحاجة ماسة، وكانت الشروط تنطبق عليّ تمامًا. ناقشت الفكرة مع عائلتي، ووجدت منهم كل الدعم والتشجيع، مما دفعني إلى المضي قدمًا.“

بدأت الدكتورة ولاء بإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، والتقت بالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، قبل أن يتم رفع ملفها إلى المركز السعودي لزراعة الأعضاء في الرياض. وبعد رحلة من الإجراءات التي استغرقت سبعة أشهر، أُجريت العملية بنجاح في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام يوم 15 أغسطس 2024.

تُضيف الدكتورة: ”الحمد لله، صحتي الآن بأفضل حال، ولم أعانِ من أي مشكلات صحية بعد التبرع. لقد كان التواصل مع المريضة يتم عبر ابنها، ولم أتعرف عليها إلا قبل العملية بثلاثة أيام. أشكر الله على توفيقه لي لتحقيق هذا العمل، وأدعو أن يديم عليها الصحة والعافية.“

جذور العطاء في عائلة آل حمدان

الدكتورة ولاء تنتمي إلى عائلة آل حمدان المعروفة بعطائها وتفانيها في الأعمال الخيرية. جذورها تمتد إلى جدها المرحوم عبد الله بن حمدان، الذي كرس حياته للعمل التطوعي في تغسيل وتكفين الموتى بمدينة صفوى. ومن أفراد العائلة البارزين أيضًا عمتها الراحلة أم أحمد التركي، التي عُرفت باسم ”حمدانة“ وكانت تمارس مهنة القابلة «الداية»، حيث ساعدت في ولادة أغلب أبناء جيلها.

والد الدكتورة ولاء، المعروف بتفانيه في الأعمال الخيرية على مدى أربعين عامًا، لا يزال يشغل منصب المشرف الأول على مقبرة صفوى ضمن جمعية الصفا الخيرية. كما يساهم في إدارة“بيت الغربة”، الذي يُعنى بخدمة الموتى وعائلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الدكتورة ولاء وأخيها أحمد بمساعدة والدهم في إدخال بيانات المتوفين ضمن السجلات الخيرية.

لا يتوقف العطاء عند هذا الحد، فقد برزت شخصيات أخرى من العائلة في مجال العمل التطوعي، مثل والدتها التي تشرف على تنظيم مواقع العزاء، والعمة فاطمة عبد الله حمدان، مغسلة الأموات التي كانت في السابق تمارس عمليات الختان. وكذلك العمتان مكية ونعيمة، اللتان تمارسان العمل الخيري التطوعي بجمعية الصفا الخيرية. ومن الأعلام الفاعلة في الأعمال التطوعية الاجتماعية من الأرحام الناشطة الاجتماعية والحقوقية أم باقر عالية الفريد وزوجها الكريم أبو باقر يحيى قريش. كما يبرز النجم اللامع الناشط الاجتماعي الإعلامي محمد التركي، والأخ الفاضل الوجيه حيدر علي الفريد. وغيرهم من رجالات وأبناء وأحفاد هذه الأسرة الكريمة المتفانين في الخدمة التطوعية الخيرية والاجتماعية.

ختامًا، تبرز قصة الدكتورة ولاء جابر آل حمدان كصفحة ناصعة في سجل العمل الإنساني والوطني، تُلهم الأجيال القادمة بالعطاء والتفاني. إنها ليست مجرد قصة تبرع، بل هي رسالة تحمل في طياتها قيم الإيثار والانتماء التي تُعد أساسًا لمجتمع متماسك ومُزدهر. ولعل هذه المبادرة تكون شعلة تُضيء الطريق للآخرين ليقدموا المزيد من الخير والعطاء لوطنهم ومجتمعهم.

أخصائي نفسي