آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 7:17 ص

ما الذي يزيل ستر الله عليك!؟

الدكتور محمد المسعود

الفضيحة باتت شهوة لا تعف عنها نفس، ولا يتورع عنها أحد! المجتمعات الإسلامية اليوم لا تغمض عينيها عن منقصة ولا تعرض عن سيئة، ولا تترفع عن ضعف ساق صاحبه. إلى ردى. أفقره إلى ستر نفس عفيفة تخاف الله فيه، وتتورع عن فضحه به.

في بداية هذا القرن ظهرت مقولة أن ثلاثة سم هي المساحة التي ستبقى لك لكي تستتر فيها وهي تعني أن لا أحد يستطيع أن يحتفظ بأسراره، وأنه لم يعد هناك مكان لا يراك فيه أحد وإن التكنولوجيا قادرة على الدخول إلى كل مكان والتسلل إلى أعماق الغرف المغلقة المظلمة، وأن لها آذان. تسترق السمع من وراء الجدران، ولها أعين تستطيع أن تقترب إليك من مسافات بعيدة وهائلة، وأن كل مكان تأتمنه على أسرارك هو خائن مأجور وضع ليتجسس عليك، وليبتزك وقت ما يشاء، كيفما يشاء وأن الناس بوعي. وبدون وعي هم ضحايا لهذه التكنولوجيا التي باتت تستمع لكل كلمة، وترصد كل نفس بل. وتطل بعينيها لترى كل ما حولك، والمكان الذي أنت فيه، وتحسب عليك خطواتك والمكان الذي سارت عليه قدماك.

إنه عالم. يسلب من الإنسان القدرة على أن يستتر بشيء أو أن يخفي شيئا عن العالم من حوله بل تعدى الأمر إلى أن الإنسان أصبح مراقبا ومفضوحا من قارات بعيدة فمن هو في الصين كمن هو في أمريكا باستطاعته أن يطلع على تفاصيل حياتك وعلى صورك، وأفعالك وحركاتك واهتماماتك حتى ولو كنت في قرية. بعيدة متواضعة، وتعيش حياة بسيطة لا يهتم بها أحد ولا تثير اهتمام أحد.

ورغم ذلك كله فإن المجتمعات الإسلامية والعربية لم تعد كما كانت تعرف فريضة الستر، وتعظم حرمتها، وتتورع عنها 0 لقد تحولت من أعظم الكبائر، وأعظم الحرمات، وأخبث الذنوب، وأحقر الأفعال إلى سلوك معتاد ومألوف لا يتورع عنها أحد ولا تعف عنه نفس!.

يتداوله الناس وكأنه لا إثم فيه، ولا عاقبة وخيمة له، فمن فضح غيره فضحه الله ولو في عقر داره، ومن أطلق لسانه في عورات الناس، رفع الله عنه حجاب ستره، ومن فضح. غيره لن يمت حتى يفضحه الله بذنبه ويخزيه به.

إن هتك حجاب الستر يجازى بمثله تماما، وهذا من قواعد العدل الإلهي أن يرد الله إليك الظلم الذي أنزلته بغيرك ويرجع لك الذل الذي ألقيته على من افتقر إلى سترك عليه، فحرمته منه!.

كان المسلم سابقا أن لم يتورع عن هتك حجاب الستر عن غيره مخافة من الله، كان يتورع خوفا على نفسه من أن يفضحه الله بذنبه وأن يخزيه بين خلقه.

واليوم! إن اطلعت على ضعف أو رذيلة من غيرك، فتيقن أنها اختبار لعفة نفسك، وطهارة قلبك، ولمعرفة منزلة الله في قلبك! ولتتيقن أن الله سيزيل ستره عنك، إن لم تستر عباده المذنبين، إنه وعد غير مخلوف، قد يتأخر، ولكنه حين يأتي، لا مهرب منه، ولا حاجب يسترك إذا زال ستر الله عليك!.