آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 9:58 م

الطبيب البيطري كنز تَغيب عن الإعلام

المهنة الوحيدة على سطح الأرض تعنى بصحة البشرية والحيوان والبيئة وتهتم بكل النواحي من سلاسل الإمداد الغذائية وصحة وحماية والرقابية البيئية، وكذلك تنمية الثروة الحيوانية وحمايتها من الأمراض الوافدة عبر القارات والمستوطنة من خلال العمل الجاد في العيادات البيطرية والمختبرات التشخيصية والمحاجر البيطرية المنتشرة على منافذ الوطن البرية والجوية والبحرية، لتصدي للأمراض ومكافحتها نواقلها، تحت مظلة وزارة البيئة والمياه والزراعة بتطبيق كافة الاشتراطات، فكيف لنا أن نتصور العدد الهائل لهذه الحيوانات بمختلف الفصائل كلها تحت إشراف البيطري المتمرس الحادق، فلا يتم دخول أو خروج أي حيوان حي واحد إلا بعد الرقابة الصحية من خلال الكشف الظاهري والإكلينيكي. بل تقع عليهم كامل المسؤولية بالحد من دخول الحيوانات المريضة التي تساهم بنقل الأوبئة والأمراض العابرة للقارات وكذلك الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، والتي بدورها تسبب خسائر اقتصادية وصحية فادحة. وأيضا الرقابة على عمل الصيدليات والعيادات والمستشفيات البيطرية. علماً بأن الطب الوقائي لا يتكامل إلا بيطرياً.

بل دورهم الحادق في تنبؤ وحدوث الأمراض قبل وقوعها من خلال تحصينها بمختلف اللقاحات والمتابعة الدورية لصحة الحيوان والرفق بها. والذي بالتالي يعد الحيوان مصدراً غذائياً مهماً لغذاء الإنسان، بل مسؤوليته الكبرى في تأمين الغذاء من خلال الإشراف الرقابي على مشاريع الإنتاج الحيواني الضخمة، بل والعملاقة لكي يتم تأمين وتوفير الألبان ومشتقاتها واللحوم البيضاء والبيض. والكشف الصحي على اللحوم والدواجن في المسالخ لضمان سلامتها للمستهلك الآدمي. بل دورهم الجليل في الرقابة على الأغذية المستوردة، ومنها ذات المصدر الحيواني لتأمين الغذاء السليم والصحي للإنسان وحماية طعامه من الأمراض المنقولة بالغذاء، وهذا الدور مناط به البيطريون في هيئة الغذاء والدواء، وما ينتج عنه من أضرار صحية تعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأيضا دورهم في الحفاظ على الموروث والأصالة في تنمية الإبل كالإشراف على مهرجان الملك عبد العزيز للإبل للمزايين ذات الطابع الشعبي والاقتصادي والسياحي. ولا يخفى على الجميع تقديم العناية الطبية البيطرية لخيول السباق والتحمل والحفاظ على السلالات العربية الأصيلة. أما بعض دورهم في الحفاظ على البيئة، إرشاد المربين بالطرق الصحيحة للتخلص من المخلفات الحيوانية والأجنة المجهضة والمشيمة، بالدفن في أماكن، دون أن تلوث التربة والمياه الجوفية، وإسهامهم في الحد من أزمة المناخ وانبعاثات الكربون.

كذلك لا توجد وجبة غذائية يومية على هذا الكون لا تخلو من رقابة أنظار البيطري. ناهيك عن الأبحاث العلمية وعمله في المختبرات التشخيصية المختلفة وكذلك مصانع لإنتاج اللقاحات والأدوية البيطرية وغيرها من المستحضرات الطبية.

وبكل فخر واعتزاز تتصدر المملكة العربية السعودية ولها السبق الكثير كتأسيس أول كلية لطب البيطري بدول مجلس الخليجي وهي تحت مسمى كلية الطب البيطري والثروة الحيوانية عام 1975 م، بجامعة الملك فيصل بالإحساء، ولها السبق أيضاً في تأسيس أول جمعية بيطرية خليجية وهي الجمعية الطبية البيطرية السعودية عام 2002 م، والتي تحتضن جائزة المراعي للطب البيطري منذ ستة عشر عاماً، وهي الجائزة الوحيدة في العالم في شأن الطب البيطري، وكذلك ما نشهدهُ من انتشار لفروع الجمعية الطبية البيطرية في مختلف أنحاء المملكة لهو خير دليل على صدارة المملكة في الاهتمام الخليجي والعالم بهذه المهنة، وتفوق البيطري السعودي، حيث يعتبر جميع الأعضاء المنتسبين للجمعية البيطرية السعودية منتسبين تلقائيا إلى أعضاء الجمعية البيطرية العالمية، وهذا إنجاز يضاف إلى إنجازات الجمعية السعودية البيطرية المتلاحقة.

ولكن وألف لكن..

إنجازات الطبيب البيطري هي كنوز مخفية لا يسلط عليها كإنجازات أصيلة للمهنة، حتى نرى بعض الرسائل التوعية والتثقيف قد لا يعرف البعض أن من يقف خلفها هم ببطريون.

وفي تقرير نشرته صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية إن ما نغفل عنه اليوم هو أن الأطباء البيطريين يعرفون الكثير عن مختلف الفئات الفيروسية منذ عقود، وهم يواجهون أوبئة مستجدة كل خمس سنوات. لذلك أن البيطريين يتميزون بإدارة العناصر الكبيرة داخل القطيع، بينما الطب البشري يركز على الفرد. وأعظم إنجاز حاليا للطبيب البيطري هو لقاح كوفيد 19 «فايزر - بيونتيك» والذي منح للعالم أملا في نهاية محنة الوباء، فإن الرئيس التنفيذي لشركة فايزر هو الطبيب البيطري ألبريت بورلا، وكذلك مؤسس مفهوم الصحة الواحدة هو أيضا طبيب بيطري.

إن تسليط الضوء والتركيز إعلامي عن أهمية أدوار الطبيب البيطري يتطلب عزماً يبدأ من البيطريين بالشراكة مع جميع القطاعات ذات العلاقة بمختلف وسائل الإعلام والمنصات الرقمية والتواصل الرسمي ليعرف أكثر وأكثر عن أهمية هذا التخصص ودوره الريادة والحيوي والتشجيع والحث على الرغبة بلالتحاق في الجامعات بكليات الطب البيطري.