آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 5:22 م

تحية لرواد سيهات

جهاد هاشم الهاشم

لكل مجتمع خصائص ومزايا محددة تكون في مجملها مكتسبة من خلال إرث اجتماعي مصحوب بعادات وتقاليد تنتقل من جيل لآخر بشكل طبيعي من خلال عاملين مهمين: أولهما تربية الأبوين والمؤثرات الأسرية وما ينتج عنها من مكتسبات سلوكية عديدة والتي فيما بعد تكون عاملًا أساسيًا في بلورة شخصية ذلك الفرد وتوجهاته، وأما العامل الآخر فهو انخراط ذلك الشخص في الوسط الاجتماعي، بعد أن يبلغ من العمر سنا محددًا، يبدأ من الالتحاق بمقاعد الدراسة، وما يتلقاه من علوم ومعارف؛ يؤثران على رسم معالم شخصيته بشكل جذري حتى يكبر ويترعرع، ويتضح ما نما عليه من أفكار وثقافة، إما أن تكون حميدة ونافعة أو مغايرة لما هو مأمول تجاه تطلعات مجتمعه والمحيطين به؛ فالبلدان والشعوب لا ترتقي وتنهض إلا من خلال عقول وسواعد أبنائها الصالحين والعاملين الأوفياء الذين تم تأهيلهم بما سبق ذكره آنفا.

الحقيقة وفي بداية هذا الحديث وقبل أن ندخل في صلب الموضوع، نؤكد أن كثيراً من المواقف لا يمكن للمرء أن يعبر ويسترسل بالكتابة وغزل الكلمات عما يجول بخاطره ويلامس مشاعره، وما يمليه عليه ضميره وإنسانيته من إحساس تجاه مواقف تترك في مضمونها وما تحويه من آثار بالغة الأهمية على النفوس وخصوصًا لمن هم محبون لأهلهم ومجتمعهم، وساعون للخير والبذل والعطاء دائمًا، سواءً كانوا من رجالات المجتمع الأفاضل أو سيدات المجتمع الفضليات هم بطبيعتهم وفطرتهم ينشدون كل ما من شأنه الدفع بالمجتمع للوصول لمرحلة الفخر والاعتزاز، إزاء كل ما من شأنه أن يسمو ويصعد بدانة الدانات إلى مستوى ليس له حد محدود من الإبداعات والإنجازات وإدراك الطموح؛ حتى نصل بتلك النتائج والمكتسبات إلى قمة التفوق وذروة النجاح.

نعم إن المتابع لتلك الأنشطة الاجتماعية التي تقام في مدينة سيهات الحبيبة بمختلف صنوفها وتنوعها والمجدولة بشكل متقن ومدروس ومخطط له طوال العام بين توأمة بارعة لنادينا الخليج بتاريخه العريق هذا من جهة، ومن جهة أخرى بيت الريادة وقلعة العطاء ورمز الحب والحنان جمعيتنا جمعية سيهات للخدمات الاجتماعية - يلمس أثر هذا النشاط جليًا واضحًا، وهذان الصرحان يديرهما نخبة من المنجزين الأكارم من أبناء تلك البلدة المضيئة بخصالها الكريمة، وهم جديرون أكفاء أهل خبرة، عرفناهم بأياديهم البيضاء؛ فهم كوكبة نذروا أنفسهم لخدمة بلدتهم بشكل خاص، ووطنهم الشامخ بشكل عام، وكيف لا وهم من تخرجوا من مدرسة راعي العطاء وأيقونة الجود والسخاء المغفور له بإذن الله تعالى الحاج الوجيه عبدالله بن سلمان المطرود - رحمه الله - والرحمة موصولة لرجاله الأوائل الأفذاذ الذين ساهموا بتأسيس النواة الأولى لذلك الكيان، الذي أصبح معلمًا يُنظر له بعزة وشموخ، ويُشار له بالبنان في جانب الود والرحمة واللطف والإحسان؛ ولهذا لا يمكن لأي منا إلا أن يقف أمام ما نشاهده من عظيم الأداء إلا وقفة وقار واحترام وتقدير.

إن المراقب للمجتمع السيهاتي يشاهد تلك المناشط الاجتماعية الخيرية الجليلة التي تفرز الكثير من الآثار المنشودة، والتي بواسطتها يتحقق الهدف المراد تحقيقه من تلاحم وتعاون وترابط جميع أطياف المجتمع. ومن ذلك الحراك المبارك تبرز أهداف عدة، ومقاصد جمة، ومنافع لا حصر لها؛ فبالأمس القريب احتضنت أرض الدانة يوم التطوع العالمي والذي أقيم على باحة منتزه سيهات، وكان لنا موعد مع كل ما هو باهر وماهر وساطع من تسوق وصناعة حرف وغيرها الكثير، ناهيك عن الأعداد الغفيرة من الزوار المرتادين لذلك المحفل؛ الذي يترجم مدى الحب العميق لتلك البلدة، وانتمائها لوطنها الأم المملكة العربية السعودية دار العز والإباء.

شكرًا لكم جميعًا أيها الرجال الفضلاء وأيتها الأخوات الفضليات، شكرًا لكم لتكريمكم المتطوعين الرواد شكرًا لكم من الأعماق، شكرًا لكم بعدد حبات الرمال، شكرًا لكم بعدد قطرات الندى على أوراق الشجر والأغصان، شكرًا لكم من الأعماق إلى الآفاق، شكرًا لكم يا سادة يا كرام، شكرًا لكم ولشخوصكم المليئة بالصدق والإخلاص.

وختامًا نبعث لكم تحية إجلال ووقار، يعادلها أطنان وأطنان من حلي الذهب والألماس، تحية لا تفيكم حقكم أيها الأحباب، لما تقدمونه من جهد لرفعة مجتمعكم ووطنكم المهاب، والشكر موصول لحكومتنا المصونة على ذلك الدعم اللامحدود، ولكل ما من شأنه أن يدفع بأبناء بلاد الحرمين الشريفين لطريق يكون ملؤه قوة واستطاعة ومجد وجاه.

نسأل الله لكم ولكل الخيرين أمثالكم التوفيق والسداد، وأن يعينكم على تحمل تلك المهام الجسام، كما نسأله جل في علاه أن يمدكم بدوام الصحة والعافية، وأن يصوِّب خطاكم لما فيه خير البلاد والعباد وإنه ولي ذلك والقادر عليه.