آخر تحديث: 15 / 3 / 2025م - 9:52 م

”مو كل مرة تسلم الجرة“

عباس سالم

أصبح المثل العربي ”مو كل مرة تسلم الجرة“ مشهوراً، لأنه يدل على ضرورة الحذر من الأخطاء التي نسلم من عواقبها بالصدفة في المرة الأولى، والحث على عدم تكرار المُغامرة المحاطة بالأخطار، فليس بالضرورة أنها تنتهي بنفس النتيجة السليمة دائما، بل ربما تؤدي إلى نتائج قد تكون كارثية.

قبل عدة أيام استيقظ أهالي جزيرة تاروت على حادثة انهيار مبنى تجاري قديم عمره تجاوز ال 50 عاماً، منذ سنوات كانت أبوابه مغلقة بعد أن علقت عليه إنذارات الإزالة والتحذير من البلدية، لكن المفاجأة التي فاجأت الجميع أنه شرع في عمليات ترميم لإعادة إنعاش جسده المنهك من تعب السنين، لكنه انهار فجأة في ساعة متأخرة من الليل، دون أن يؤدي أحدًا، وهنا أتساءل: كيف تم إصدار ترخيص ترميم مبنى تجاري يقع وسط السوق المركزي عليه علامات الإزالة التي وضعتها البلدية وآيل للسقوط؟.

المثل ”مو كل مرة تسلم الجرة“ اعتدنا سماعه وتداوله على ألسنة الناس، وتعود قصته إلى قديم الزمان حيث كانت هناك امرأة تسير على طريق متعرج وبه أحجار وحفر، وكانت تحمل على رأسها جرة من الفخار بها ماء، فشاهدها رجل عجوز، فقال لها يا ابنتي احرصي من هذا الطريق فقد تقعين، فتعثرت المرأة بسبب حجرة وسقطت على الأرض ولحسن الحظ لم تكسر الجرة، فقامت المرأة باستكمال طريقها كأن شيئاً لم يحدث ومشت مرة أخرى في نفس الطريق فرآها شيخا كبير كان جالسا تحت شجرة فصاح قائلا احترسي يا ابنتي ليس كل مرة تسلم الجرة.

لا زال خطر انهيار بعض البيوت في المنطقة القديمة ”الديرة“ التي تطل على ذلك المبنى المنهار قائمًا، ويمكن حدوثه في أي لحظة بسبب التصدعات العميقة في جدرانها التي سببتها الانهيارات الأرضية جراء تسريبات المياه تحت الأرض، حيث لا تزال المخاوف من سقوطها في أي لحظة، مهددةً حياة السكان والمارة والناس المهتمين بالتراث والتأريخ الذين يأتون كل يوم لقراءة تأريخها القديم.

الحسرة على البيوت التراثية في المنطقة القديمة ”الديرة“ بجزيرة تاروت صار أمرًا واقعًا عند الكثير من الناس، الذين عاشوا مرابع الطفولة بين أزقتها واستظلوا بظلال صاباتها، وعند الكثير من محبي التراث في المنطقة الذين يأتون لزيارتها، لكن ذلك لن يعيد أمجاد الحياة لتلك البيوت التاريخية كما كانت، بسبب ما يرونه من تسارع في حالات التعري والإهمال والتصدعات العميقة في معظم بيوتها.

ختاماً: هناك أكثر من مبنى واقعاً وسط السوق المركزي، وبيوتاً تراثية في ”الديرة“ بجزيرة تاروت أبوابها مغلقة منذ سنوات بعد أن حكم عليها بالإزالة وعلقت عليها إنذارات البلدية، وأخليت من سكانها بسبب وجود تشققات عميقة وتساقط بعض القطع الإسمنتية منها، و”مو كل مرة تسلم الجرة“.