آخر تحديث: 5 / 5 / 2025م - 10:40 م

الوطن ينعى المؤرخ الجنبي: فراغ كبير في قلب التاريخ

جهات الإخبارية إيمان الشايب - مريم آل عبد العال - القطيف

ترك رحيل المؤرخ عبد الخالق الجنبي فراغًا كبيرًا ليس في قلب التاريخ وأرض الوطن فحسب، بل امتد أثر رحيله حتى في الدول العربية المجاورة التي تقدمت هي أيضًا بالنعي والمواساة لفقده.

وعلى جانب الصعيد الديني والتأريخي، تأثر العديد من رجال الدين والمشايخ إلى جانب الكتاب والمؤرخين برحيل القامة التاريخية التي دونت الكثير من تاريخ هذا الوطن وساهمت في الحفاظ على الهوية.

وأعرب الكثير منهم عبر كلماتهم عن حزنهم العميق بفقدان قامة وطنية كبيرة كانت من أبرز رموز الثقافة والتراث والتاريخ في المنطقة الشرقية حيث السيد أمير العليتوفي أمس الثلاثاء بعد صراعٍ مع المرض دام عدة أشهر.

تاريخ هجر والبحرين

ونعى السيد أمير كاظم العلي رحيل المؤرّخ والباحث القدير عبد الخالق الجنبي الذي أشار إلى كونه قد عرف رحمه الله ببحوثه الجادّة وآرائه اللافتة فيما يرتبط بتاريخ هجر والبحرين القديم، وعلاقة المنطقة بالولاء لأهل البيت .

الشيخ عبدالله اليوسف

خسارة للتاريخ والأدب والشعر

ووصف الشيخ عبدالله اليوسف بأن فقد الجنبي «خسارة للتاريخ والأدب والشعر»، لافتًا لكونه باحثًا في التاريخ، وأديبًا وشاعرًا.

وتحدث عن مجموعة مؤلفاته القيمة التي أغنى بها المكتبة والتي منها: هجر وقصباتها الثلاث، شرح ديوان ابن المقرب العيوني في ثلاثة مجلدات في طبعته الأولى وفي الطبعة الأخيرة في سبعة مجلدات مع الفهارس، تاريخ التشيع لأهل البيت في إقليم البحرين القديم، بحوث تاريخية وجغرافية ذات علاقة بشرق الجزيرة العربية، الحسين بن ثابت القطيفي وقصيدته في قبائل وبطون قبيلة عبد القيس وغيرها.

خسارة وطنية ضخمة

الدكتور حجي الزويدوعبر الدكتور حجي الزويد عن حزنه بالتحاق الباحث الوطني الكبير عبدالخالق الجنبي إلى عالم الخلود، لافتًا إلى أن رحيله يعد خسارة وطنية ضخمة.

وأكد على أن الجنبي كان قامة علمية ضخمة قدمت عطاءًا معرفيًا ضخمًا في التراث والأدب، ذاكرًا بأن الموت قد غيب هذا العلم العظيم.

وتحدث عن كونه من كبار الباحثين الوطنيين ومن الرموز الوطنية المعرفية، حيث كانت لديه الكثير من الدراسات والأبحاث القيمة والتي من بينها «تحقيق شرح ديوان ابن المقرَّب، والديوان المصوَّر لشعر علي بن المقرَّب، و

هجر وقصباتها الثلاث المُشَقَّرُ والصَّفَا والشَّبْعَاْنُ ونهرُها مُحَلِّم، وجرّه مدينة التجارة العالمية القديمة، وجواثى تاريخ الصمود، والحسين بن ثابت القطيفي وقصيدته في قبائل وبطون قبيلة عبد القيس، وتحقيق المنظومة الهجرية للملا عطية الجمري البحراني، وتاريخ التشيع لأهل البيت في إقليم البحرين القديم، وبحوث تاريخية وجغرافية ذات علاقة بشرق الجزيرة العربية، والمحفوظ من تاريخ الشريف العابد أخي محسن، وجنايات مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين على ديوان ابن المقرَّب» إلى جانب العديد من المقالات والحوارات التي نشرت له في عدد من الجوانب العلمية والإعلامية.

حزن عربي

ونعى مركز الإمام الحسن للدراسات التخصصية التابع للعتبة الحسينية المقدسة رحيل المؤرخ والشاعر عبد الخالق الجنبي بعد صراع مع المرض، سائلين من الله أن ينزله خير منزل.

ومن جانبها، قدمت جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ممثلة في أعضائها وعضواتها التعزية في وفاة زميلهم الراحل الجنبي الذي اختاره الله إلى جواره، سائلين الله أن يتغمده بالرحمة والمغفرة.

منصات ثقافية وأدبية

ونعت العديد من المنتديات والمنصات الثقافية رحي المؤرخ الجنبي عبر صفحاتهم مثل منتدى الثلاثاء الثقافي وسنوات الجريش وفريق عيون هجر والذين تقدموا بالتعزية والمواساة الخالصة جراء فقده الذي كان له الأثر الكبير على المجتمع.

ومن جانبه، أبدى عضو جمعية الآثار والتراث بالشرقية رسمي المؤمن حزنه الكبير على رحيل الباحث الجنبي الذي كان له دورًا بارزًا في الحفاظ على الهوية التاريخية.

الكاتب حسن المصطفى

إثراء العمل الثقافي

وغرد الكاتب حسن المصطفى عبر حسابه الشخصي على منصة اكس: ”بذل الأديب السعودي عبد الخالق الجنبي، جهداً في كتابة تأريخ وتراث المنطقة الشرقية، ساعياً للتحقيق والتدقيق ما استطاع لذلك سبيلاً“.

وأردف قولاً: ”اجتهد أبو طاهر كثيراً، ولك أن تتفق أو تختلف مع النتائج التي توصل لها، إلا أن الأكيد أنه سعى بجدٍ من أجل إثراء العمل الثقافي. لروحه الرحمة والغفران.“

الجنبي.. مدرسة

الشيخ عبدالجليل البن سعدوقال الشيخ عبد الجليل البن سعد أن الباحث عبد الخالق الجنبي مدرسة أبعد من كونه مؤرخاً. حضوره من دون تلاميذ بارزين حوله شيء مؤلم، وموته سيكشف عن ألم كان وعن ألم يتجدد.

وأكد البن سعد أن كل ما يطرح الراحل الجنبي ”لذيذ“، وقد وجدت في ممارسته آليات مبتكرة وقراءات دقيقة، قدرة على إحاطة وترقيع الوثائق الممزقة، يتعامل مع الحقائق بغيرة شديدة لا يخشى حومة حائم ولا لومة لائم وهذا ما يلفتني فيه أكثر وأكثر.

إثراء الحركة الثقافية

ونعى المؤرخ حسين آل سلهام الراحل بقوله: ”لا يخفى على أحد الجهد الذي يقوم به الباحث المؤرخ من البحث في المصادر التاريخية وإظهار الكنوز التاريخية وذلك يأخذ مساحة كبيرة من الوقت والاجهاد والتفكير والتحليل علاوة على الإنفاق المالي وذلك كله يصب المؤرخ حسين آل سلهاممن اجل البحث عن الحقائق التاريخية وإخراجها للقراء. في الحقيقة أن المرحوم الجنبي قام بإثراء الحركة الثقافية في مجتمعنا، بل يعتبر من رواد الحركة الثقافية.“

ولفت آل سلهام إلى موقف من سابقة عهده بالراحل: ”كان لي معه بعض الحوارات التاريخية نشرت في مواقع التواصل وكنا نختلف في آرائنا وشاء الله ان جمعني معه في أحد المشاركات في أحد جلسات اول مجلس بلدي انتخب وكان الموضوع بالحفاظ على تراث المنطقة وقد اتفقنا على مبدأ «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» رحمه الله“.

الأب والصديق

الدكتور حسن اشكنانيوأسهم الجنبي في إثراء طلبة دراسات عليا، حيث كتب من دولة الكويت الدكتور حسن أشكناني: "رحمة الله عليه كان الأب والصديق وخير عون أثناء دراسة الدكتوراه.. وقبل سنتين بدانا مشروع قصة اللولو من العصور القديمة إلى التاريخ الحديث. فقدنا انسان جليلا واستاذا بارعا نسأل الله له الرحمة والمغفرة.

مثالًا للجد والمثابرة

وذكر الكاتب ميرزا الخويلدي عبر مقالة رأي بعنوان «رحيل عبد الخالق الجنبي... المحقق الصلب في الجسد العليل»: ”فقدت الساحة الثقافية السعودية الباحث والمحقق والمؤرخ عبد الخالق الجنبي، بعد معاناة مع المرض. وعرف الجنبي الذي ظل يعاني طيلة حياته من الكاتب ميرزا الخويلديالمرض معتمداً على عكازتين تحملانه بالرصانة والشجاعة في أبحاثه، ولطالما صدم الكثيرين بالنتائج التي توصل إليها وظل ينافح عن أفكاره ومجهوداته في الأبحاث التاريخية والجغرافية سعياً لإثبات جدارتها العلمية.“

عطاء متدفق

ومن جانبه، أكد المؤرخ عبدالرسول الغريافي بأن الباحث الجنبي قد تربع على عرش التدوين والتوثيق في عصره ووصل إلى مالم يصل إليه معاصروه من الكتّاب والباحثين في هذا المضمار بفضل مثابرته ومقدرته التي وهبها اياها الله دون كَلَّ أو انقطاع رغم مايعانيه من الآلام المضنية.

وأعرب عن حزنه بقوله: ”رحلت - رحمك الله - قبل أن تتم كلمات ينبس بها مداد يراعك فلاحول ولاقوة لنا إلا بالله العظيم رحمك الله ياعبدالخالق الجنبي فلقد كان تدفق عطاؤك مستمراً وغير ناضب رحلت ولم تستكمل حلقة عطاؤك المفعم الذي منَّ الله عليك به وقد المؤرخ عبدالرسول الغريافيتلقيته برحابة صدرك ونفثته على من هم من حولك بدماثة أخلاقك ورحابة صدرك لم تكلَّ عن العطاء لحظة ولم تتردد في التقديم بكل سخاء مضحياً بجلّ أوقاتك الثمينة من أجل هذا التنوير“.

وذكر الغريافي بأن جهود الراحل كانت مبذولة في سبيل التحصيل واضحة ومنقطعة النظير فلم يترك واردة ولاشاردة في هذا المضمار إلا افعمها وضوحًا.

وأكد على إثرائه للعالم التاريخي بما لم يسبقه به أحد من قبل في هذا العصر إذ رحل قبل أن تكتمل حلقة العطاء، مشيرًا إلى أن ميراثه للناس متواتر وسيذكره به الأجيال من الطالبين من مناهل ينابيعه وستظل تدويناته مخترقة أزمان وأزمان بتناقلها جيل بعد جيل.

تعميق حب الأبناء بتراب الأجداد

وأبدى المؤرخ سلمان الرامس نعيه ومواساته على رحيل الباحث الجنبي، واصفًا إياه بالمؤرخ اللامع الذي أيقظ التاريخ.

المؤرخ سلمان الرامسوأشار إلى كونه رحمه الله مثالًا للجد والمثابرة لخدمة هذه البلاد وتعميق حب أبناء هذه البلاد بتراب الأجداد من خلال ربط الإنسان بالتاريخ.

وقال بأنه لم يفتأ عن المطالعة والتحقيق والتدقيق في خدمة التاريخ والإنسان.

الجنبي.. 60 عامًا

وأعرب الدكتور توفيق السيف عبر حسابه الشخصي على منصة اكس عن حزنه لفقد المؤرخ القطيفي المعروف عن 60 عامًا، لافتًا إلى صفاته التي عُرِف بها والمتمثلة بلطفه وتواضعه ودأبه في البحث.

الدكتور توفيق السيفوأكد على أنه قد كسب محبة الناس سيما أهل الكتاب والقلم، متمنيًا بأن يجعل الله الطيب من علمه صدقة جارية له إلى يوم الدين.

يشار إلى أن الجنبي قد أصيب بأزمة إمساك شديدة، تعامل معها في البداية بالتداوي الشعبي، ثم بالأدوية الطبية، قبل أن تظهر الفحوصات والأشعة وجود ورمين في القولون والكلية.

وأجرى الجنبي عملية جراحية لاستئصال الأورام في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، تكللت بالنجاح، إلا أنه وافته المنية بعد عدة أشهر من العملية.

والجنبي من أبرز الباحثين في تاريخ المنطقة الشرقية، حيث ألف العديد من الكتب والدراسات في هذا المجال، كما كان عضواً في عدد من الجمعيات العلمية والثقافية.

وأعربت الأوساط الثقافية والإعلامية في المنطقة الشرقية عن حزنها لوفاة الجنبي، مؤكدة أنه كان أحد أبرز رموز الثقافة والتراث والتاريخ في المنطقة.