آخر تحديث: 4 / 5 / 2025م - 10:13 ص

الموافقة على أول علاج جيني في العالم لفقر الدم المنجلي

جهات الإخبارية مريم آل عبدالعال - القطيف

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على اثنين من العلاجات الجينية لمرض فقر الدم المنجلي، مما يمنح الأمل لآلاف المصابين بهذا المرض.

العقاران، المسمى Casgevy وLyfgenia, يمثلان علاجًا محتملًا للأشخاص المصابين بفقر الدم المنجلي، وهو اضطراب وراثي يسبب تقصيرًا في عمر خلايا الدم الحمراء ويؤثر بشكل غير متناسب على الأفراد من أصل أفريقي.

ويعد العلاجين قائمين على الجينات لمرض فقر الدم المنجلي، بما في ذلك العلاج الأول الذي يستخدم تقنية تحرير الجينات كريسبر، مما يفتح حقبة جديدة من علاجات الحالات الوراثية.

”كاسفيجي“ هو العلاج القائم على «كريسبر»، الذي تصنعه شركة Vertex Pharmaceuticals وCrispr Therapeutics؛ فيما يستخدم عقار ”لايفجينيا“، الذي تصنعه شركة بلوبيرد بيو، أسلوبًا قديمًا للعلاج الجيني. ويمكن وصف كلاهما للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 12 عامًا أو أكثر والذين لديهم تاريخ من أزمات انسداد الأوعية الدموية، وهي أعراض مؤلمة ناجمة عن المرض.

وقالت الدكتورة نيكول فردان، مديرة مكتب المنتجات العلاجية التابع لإدارة الأغذية والعقاقير داخل مركز التقييم والأبحاث البيولوجية التابع لها: ”إن مرض الخلايا المنجلية هو اضطراب دم نادر ومنهك ومهدد للحياة مع حاجة كبيرة لم تتم تلبيتها“. ”نحن متحمسون لتطوير هذا المجال خاصة بالنسبة للأفراد الذين تعطلت حياتهم بشدة بسبب المرض من خلال الموافقة على علاجين جينيين قائمين على الخلايا اليوم.“

وكشف الدكتور عبد الله آل زايد استشاري أمراض الدم ورئيس مركز أمراض الدم الوراثية بمستشفى القطيف المركزي في حديث سابق لـ ”جهات الإخبارية“ أن العقار ”كاسجيفي“ ”Exagamglogene autotemcel“ يعد أول دواء في العالم يعتمد أداة تعديل الجينات المبتكرة ”كريسبر“ ”CRISPR“، التي فاز مخترعاها بجائزة نوبل عام 2020.

وتم تصميم ”كاسجيفي“ للعمل عن طريق تعديل الجين المعيب في الخلايا الجذعية لنخاع عظم المريض بحيث ينتج الجسم الهيموجلوبين الوظيفي. وللقيام بذلك، يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم، وتحريرها في المختبر ومن ثم غرسها مرة أخرى في المريض، وبعد ذلك من المرجح أن تستمر النتائج مدى الحياة.

وقال: ”إن العلاج يستهدف المرضى من عمر 12 عاما فما فوق، وكان الاعتماد الأول من وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية ”MHRA“ في المملكة المتحدة على العلاج الجيني الجديد لمرضى فقر الدم المنجلي ومرضى الثلاسيميا بيتا المعتمدين على نقل الدم“.

وأوضح أن العلاج شبيه بزراعة الخلايا الجذعية الذاتية، وللقيام بذلك، يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم من المريض نفسه، ويتم تحريرها وتعديلها في المختبر، ومن ثم غرسها مرة أخرى في المريض، معولاً بقوله: ”نأمل أن تستمر النتائج مدى الحياة“.

وقال آل زايد من ناحية الأدوية والعلاجات في السعودية: ”بقي الاهتمام بعلاجات هذا المرض متواضعا لأكثر من عقدين من الزمن، وكان آخر علاج معترف به هو علاج“ الهيدروكسي يوريا ”في 1998 م وهو أكثر علاج فعال متاح حالياً، ثم توالت الأدوية الحديثة في الظهور في السنوات الثلاث الماضية“.

ولفت إلى ظهور ثلاثة أدوية جديدة حصل واحد منها على موافقة هيئة الغذاء والدواء السعودية، وهو علاج ال ”كريزنليزوماب“ والذي تم سحبه من السعودية بعد الموافقة عليه، وهناك دواء آخر قاب قوسين من أخذ الموافقة من هيئة الغذاء والدواء، وهو علاج ”إل - جلوتامين“، أما العلاج الثالث فهو ”فوكسلوتور“ وتمت الموافقة عليه مؤخراً.

وقال الدكتور عبدالله: ”لأول مرة منذ سنوات نرى اهتماماً غير مسبوق في البحث عن علاجات جديدة لمرضى فقر الدم المنجلي“.

ولفت إلى أن هذه العلاجات تهدف إلى السيطرة على المرض وليس الشفاء منه، وتبقى زراعة الخلايا الجذعية أو زراعة نخاع العظم هو العلاج الوحيد المعتمد للشفاء من المرض، ويفضل أن تكون الزراعة قبل عمر ستة عشر عاماً لتكون النتائج أفضل، ولكن قد تتم الزراعة بعد هذا العمر وبنتائج جيدة جداً.

وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت في عام 2018 عن نجاح أول عملية لزراعة الخلايا الجذعية لعلاج الأنيميا المنجلية بمستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، وتعتبر العملية الأولى من نوعها على مستوى وازرة الصحة.

هذا ويعد مرض فقر الدم المنجلي مرضاً وراثياً وهو أحد أكثر أمراض الدم الوراثية شيوعًا في العالم، ويحمل ما يقارب 27 مليون مصاب بفقر الدم المنجلي حول العالم، ويحمل 20% سمة فقر الدم المنجلي، في حين يولد 300 ألف طفل بهذا المرض كل عام، وذلك بحسب الأستاذ زكريا الكاظم عضو ورئيس المنظمة الدولية لصوت الخلية المنجلية.

يحمل 180 ألف فرد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سمة الأنيميا المنجلية، وتتصدر المملكة العربية السعودية دول الخليج العربي في عدد الإصابات بنحو 64 ألف شخص، علاوة على أنه أكثر الأمراض الوراثية انتشارا في المنطقة الشرقية بنسبة تتركز فيها تصل إلى 17% من الحاملين للسمة المنجلية، وترصد محافظة القطيف منها سنويا عشرات الوفيات؛ بسبب مضاعفات هذا المرض، في حين تم مؤخراً افتتاح مستشفى متخصص يقدم الرعاية الصحية لهذه الفئة وهو مستشفى الأمير محمد بن فهد لأمراض الدم الوراثية وهو الأول من نوعه في المنطقة بعد أن كان مستشفى القطيف المركزي يلقى ضغطاً في الكفاية السريرية لهذه الفئة.

تم الإبلاغ عن مرض فقر الدم المنجلي في المملكة العربية السعودية لأول مرة في المنطقة الشرقية في ستينيات القرن العشرين حيث كانت نسبة انتشاره 25% بين العاملين وذلك بواسطة دراسة استقصائية قامت بها شركة الزيت العربية الأمريكية ”أرامكو“ في المنطقة الشرقية. وقد أدى ذلك إلى بدء دراسات فحص إقليمية ووطنية متعددة لتحديد الخصائص السريرية وتواتر جينات مرض فقر الدم المنجلي في مناطق مختلفة من المملكة.

قدّر برنامج فحص ما قبل الزواج معدل انتشار جين الخلية المنجلية بين السكان البالغين بنسبة 4,2% لسمة الخلية المنجلية و 0,26% لمرض فقر الدم المنجلي، مع تسجيل أعلى معدل انتشار في المنطقة الشرقية ”حوالي 17% لسمة الخلية المنجلية ومرض فقر الدم المنجلي“ 1,2% لمرض فقر الدم المنجلي".

وفي تجربة إقليمية لفحص حديثي الولادة لمرض فقر الدم المنجلي في المنطقة الشرقية على مدار فترة 9 سنوات منذ بدء البرنامج، بلغ معدل انتشار سمة الخلايا المنجلية حوالي 21% وكان معدل انتشار مرض فقر الدم المنجلي 2,6% ”مقارنة بـ 17% و 1,2%، على التوالي، من حالات فحص ما قبل الزواج“.