«صهيل الكلام» تناقش تجربة القاص السنونة في المشهد الأدبي

عقد صالون صهيل الكلام في القطيف، في أحديته ال 83 لقاءً حواريًا حول تجربة القاص حسين السنونة، وما أنجزه من ست مجموعات قصصية، لها شأنها في المشهد الأدبي محليًا وعربيًا.
وانطلق اللقاء من خلال سرد السنونة للسيرة مع الذاكرة الأولى، وكيف تكونت لديه حصيلة الوعي بالقراءة، وانطلاقًا بالممارسة الكتابية، حيث تعلق بادئ الأمر بالعمل في الصحافة والإعلام، ما أكسبه انفتاح على مختلف الثقافات، وأعطته متنوعا في العلاقات الشخصية.
وظل السنونة بعدها ينفتح على عالم الطباعة القصصية، حيث يجد في القصة فسحة شاسعة للتعبير عن الألم والمسؤولية بالهم الإنساني والحديث عن مآسي المواطن العربي وما تواجهه من مصاعب الحياة.
وتأثر السنونة بتجربة القاص الكبير زكريا تامر وتستميله الكتابة الحديثة التي تتكئ على تقانة الحداثة في تطوير أساليب وأدوات القصة المعاصرة.
وقال الشاعر عبدالغفور الدهان لصحيفة ”جهات الإخبارية“: قد يتفق الكثير من القراء بأن نص حسين السنونة بسيط وممتع ومضحك حد البكاء في نفس الوقت، لكنه مأسور بعقدة الفكرة وراء إصلاح ما فسد اجتماعيًا على مستويات عدة، من البذرة الاجتماعية الأولى، وهي الأسرة، وحتى رأس السلطة التي تتحكم بالقبيلة والمجتمع والدول.
وأضاف الدهان: داخل هذه الطبقات يحاول حسين السنونة الولوج لتفكيك وهدم ما بنى العقل الاجتماعي، ليشيد فوقه ما يستحقه هذا الإنسان المفقود وسط تلك الفوضى القيمية والأخلاقية.
وأكمل: ما يميز نصوص حسين السنونة هو اختيار العنوانَ بعناية فائقة تجعل منه قنبلة نصية تحملات دلالات كثيفة قد تؤذي بعض الأحيان من تنفجر في وجهه أو قد تفتح في عيني القارئ مناطق معتمة لم يكن يراها من قبل.
وبيّن أن نص السنونة هو نص كاريكاتيري بامتياز يحاول دائما رسم خطوط قضيته بذكاء وشاعرية بعض الأحيان يحاول خلق عوالم قصيرة العمر بما يتناسب مع نسق القصة القصيرة، ويحاول الإفلات من كل القيود التي تحكم النسقية القديمة التي تحّجم من طموح المبدع.
من جهته، قال الشاعر شفيق العبادي: في كل مرّةٍ يؤكّد لنا فيها الصهيل إصراره على حرث طموحاته للوصول بها إلى أرضه المنشودة وفردوسه المفقود عبر رحيله المتواصل لسواحل الثقافة والمعرفة باذرًا مبادراته لاستضافة الأسماء الوازنة في حقل الإبداع والكتابة، متوقفاً هذه المرة بمحطةٍ ثرية في مجال معالجة القصة القصيرة والكاتب والإعلامي حسين السنونة.
وأضاف: أبحر بنا القاص السنونة عبر تجربته الثرية والدخول لعوالمها باستنزاف بئره العميقة والتي ارتوى منها حضور الصهيل مما فاض أسئلةً ومداخلاتٍ خلقت جوّاً من البهجةِ والمتعة فألف شكر للضيف والمضيف ولمزيدٍ من الحلقات الاستثنائية.
ووصف الشاعر فريد النمر الضيف السنونة بقوله: صاحب كاريزما تمزج بين الجرءة الثقافية والوداعة الإنسانية تنحو أفكاره للمغايرة ويجتمع في داخله هم الإنسان العربي المهمش وفي نفس الوقت يشحذ ذاته المثقفة نحو التمرد على الكسل الثقافي عبر خلق كيانه الخاص، بما يحمل من رموز مستوحاة من حضوره المكاني كطفل وزمكانية ترعرعه بين مساحة تاروت الصغيرة والانفتاح الهائل على العالم بين مبدئه الذي يثق به وبين تناقضات الحياة التي تكتنز بالمفارقات الكثير.
وتابع: حسين رجل ينحاز للجمال وللشاعرية ولكن ببساطة المحب الشغف وبداهة ابن الساحل والحقل في آن واحد لا ينفصل عن تكوينه ولا يفصل بين معارفه المكتسبة في رحلة الحياة.
وتحدث القاص موسى الثنيان عن ضيف الصهيل، فقال: استطاع حسين السنونة بتجرته أن يكون رقمًا مهمًا ومميزًا في عالم كتابة القصة، وأن يفرد له أسلوبه الخاص.
وأكم: يكتب النسونة نصه منطلقًا ومتحررًا من البناء القصصي المعروف، لكنه في الوقت ذاته يقنعك بأسلوبه الخاص إذ لولاه لصارت القصة باهتة لا طعم لها، وهذا ما ذهب إليه بعض كتاب القصة تحت دعاوى الحداثة فأهملوا فنيات القصة لتتحول إلى مجرد خواطر، لكن السنونة في قصة قهقة من السماء مثلا يتكئ فيها على مجازية الضحك، الذي تحول إلى أشبه عدوى لكل مكونات المجتمع ليحوله إلى كوميديا سوداء، إذ لو لم يختر الكاتب هذه الأيقونة لكان النص عاديا.
وتابع: هكذا أيضا في قصة ترانيم كائن لا يتحرك، حيث اتكأ فيها إلى الغرائبية، فهو يرسم لنا شخصيات مأزومة ومنفجرة وممسوس تصدر منها أفعال غرائبية تعبر عن انفجار بعد طول صبر، ففي هذه القصة تتخذ هذه الشخصية موفقا غرائبيا ألا وهو الوقوف دون حراك لساعات طويلة محتجة، ويحشد الكاتب عددا كبيرا من الشخصيات، الأدباء والخطباء ورجال الدين شيوخ وابطاركة والوفود العربية والأجنبية ومندوب من الأمم المتحدة ومندوب من الصندوق الدولي ولكهم لم ينجحوا لاستمالته أوثنيه عن موقفه.
واستطرد: يعلن البطل عن كافة احتجاجات طالت الفساد في كل مكونات المجتمع ومفاصله هذا النص المتأجج من روائع السنونة الذي يمكن أن ينافس به بعض الروايات الأدبية التي كتبت من ثلاثة مائة أو خمسة مائة صفحة، وتجربة السنوية تناولها النقاد من مختلف الوطن العربي من مصر والأردن والعراق مما يشي بأهمية منتجه القصصي وتميزه ومدى تأثيره على المتلقي.
وأشاد القاص موسى الثنيان بصالونات الصهيل، بقوله: أشيد بملتقى الصهيل الذي حرص دائما على استضافته لشخصيات شعرية مهمة وتسليط الضوء عليها، وملتقى الصهيل ملتقى شعري يهتم بقضايا الشعر بالدرجة الأولى إلا أنه ينوع من استضافاته الأدبية والثقافية منها القصة والسينما والموسيقى، فالأدب يتلاقى في بعض مشاربه.
واختتم: ما يعجبني في الصهيل هي تلك الأريحية وتلك الأخوة الثقافية، حيث نلتقي بداية كل أسبوع من مساء يوم الأحد مرطبة بداية الأسبوع بلقاء أخوي ثقافي وبحديث أدبي ممتع وجميل.