السيد الخباز: علاقة الدين بالعلم «تكاملية».. وتلبية الحاجات الفطرية أهم إنجازاته

أكد السيد منير الخباز علاقة ”التكامل“ بين الدين والعلم، وأنها ليست صراع، أو تنحية لتقديم دور أحدهما على الآخر.
وقال في محاضرته بعنوان ”توقعاتنا من الدين.. ماذا قدم لنا الدين؟“ بمسجد الحمزة ع، الثلاثاء الماضي، أن البعض يظن أن العلوم الطبيعية والإنسانية اكتشفت كل الحقول وغطت كل الحاجات، ولم يبقى للدين ما يتعبد به.
وأشار إلى أهمية الدين في تلبية الحاجات الفطرية، وتغطيته لكل الحقول، بدون ان يلغي دور العلم، وإذا كان العلم يجيب على الكيف، فالدين يتكفل بلماذا.
وبين أن علاقة الدين بالإنسان علاقة ”المزارع بالبذرة“ من حيث إحياء وتنمية واستثمار استعداداته الفطرية، في كل الحقول؛ الفلسفية، والمعرفية، والإنسانية، والنفسية، والاجتماعية.
وذكر أن كل إنسان يوجد في أصل فطرته ثلاثة أسئلة فلسفية إذا لم يتم الإجابة عليها يصاب بالقلق، وهو ما تكفل القرآن بتوضيحه، من معرفة مبدأه ومنتهاه والطريق بينهما.
وأشار إلى دعوة القرآن للإنسان بالتفكر والتأمل، وتعمد إثارة الظواهر الطبيعية التي تستدعي تفكيره، وتوفير الأدلة الاستدلالية، التي تشبع فضوله في ”الحقل المعرفي“.
وبين في ”الحقل الإنساني“ ميل الإنسان إلى الإعمار وإقامة الحضارة التي تتطلب الاقتصاد، فوضع التشريعات والمبادىء لتنظيمه، ومنها ”العدالة“ فنهى عن الظلم وحرم الربا وأن يكون المال دُولة في يد الأغنياء، وتوزيعه حسب الكفاءة والإنتاج والجهد، وجعل الفقير شريك للغني في المال ”وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم“.
وأشار إلى تركيز الدين في هذا الحقل أيضا على مبدأ ”الأخوة“ في كل شيء في الشركة والحضارة والنظام ”إنما المؤمنون إخوة“، ”وتعاونوا على البر والتقوى“، لافتاً إلى انتباه الشركات مؤخراً لأهمية ذلك وتطبيقها مبدأ الدمج، بإعطاء الموظفين فترات ليحصل بينهم التمازج والتفاعل الأخوي والإنساني، لضمان كثرة الإنتاج.
وأضاف: ضمن هذا المبدأ أنه حتى في هندسة البيوت دعا الدين إلى تقابلها ”واجعلوا بيوتكم قبلة“ مشيراً إلى معناها في بعض التفاسير أن تكون متقابلة ليشعر من فيها ببعضهم، ويترادفون كأسرة واحدة.
وعلّق على هندسة البيوت الآن بأنها متفرقة كجزر، لا يعرف الجار جاره ولا يشعر بهمومه ومشاكله، كأنها جزر مستقلة لا تجتمع مع مغزى الدين في الحضارة المبنية على الأخوة.
وتطرق إلى دور الدين في إشباع ”الحقل النفسي“ وإذابة الاضطرابات النفسية وتوفير الأمن والاستقرار، بشكل يفوق ما يقدمه علم النفس في هذا المجال.
وأوضح أن تأدية الطقوس العبادية بخشوع، كافي لتوفير رصيد من الاستقرار والأمن النفسي والهدوء ”الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب“.
ولفت إلى دور الدين في ”الحقل الاجتماعي“ بدعوة الإنسان إلى البذل والتغلب على نزعة الاستئثار إلى الإيثار ”ومما رزقناهم ينفقون“.
وأكد أن العلم لا يقوم مقام الدين، والعكس، فلكل منهما مجاله في العلاقة التكاملية، فإذا أبرز العلم ماذا وُجد، يبرز الدين لماذا وُجد، لكي يوصلنا إلى الله.
وقال: إن العلم يوفر الأمن الخارجي من الأمراض والأوبئة، والدين يوفر الأمن الداخلي من الاضطراب النفسي والقلق، العلم ثورة على الجهل، والدين ثورة على الشك والحقد والحسد والقلق والاضطراب، كلاهما يحتاج الآخر.
وذكر أن العلم بمعزل عن الدين قد يستخدم سلاح لفناء البشرية، ونشر الأوبئة، والسيطرة عليها من قِبل الآلة، لذلك يحد الدين من قدرة العلم ويرسم له حدوده، حتى لا تتدمر حياة البشرية على الأرض، وفي نفس الوقت يحتاجه، فحين يأمرنا باستقبال القبلة للصلاة، يرشدنا العلم إلى مكان القبلة.
وبين أن أهل بيت العصمة ع قادة المجتمع البشري ورموزه، يجمعون العنصرين الدين والعلم.