مستشار أسري يدعو إلى بناء «نمط تواصل صحي» لنجاح العلاقة الزوجية

أكد الأخصائي النفسي والمستشار الأسري ناصر الراشد، أهمية بناء ”نمط تواصل صحيح وصحي“ بين الزوجين؛ لتكون حياتهما أكثر سهولة وراحة وينمو فيها الإنسان.
وأوضح في محاضرته بالملتقى الحواري للعاقدين: الخطوبة آفاقها وأسرارها، بمركز البيت السعيد بصفوى، مؤخرًا، أن الزواج ”مرحلة نمائية“ ينتقل فيها الإنسان من رتبة اجتماعية إلى أخرى، ويكون فيها ”مسؤول“ عن سعادة آخر ورضاه وأمنه وأمانه.
ولفت إلى أن أهم صفة في التواصل الإيجابي أن يكون ”رحيم“ أي يتسم بالرفق واللطف واللين والهدوء والدفء، ويبتعد عن الإنفعال، ويدرك فيه الزوجين أن علاقتهما ممتدة ودائمة فلا يسمحان لغير العاطفة الإيجابية بالظهور، ولا يطيلان البقاء في المشاعر السلبية، ويحتوون المواقف بحوار هاديء ولطيف.
وتطرق لأهمية ”التواصل العاطفي“ أو الأولي ويعبر عنه القران ”بالمودة والرحمة“، مبينًا أهمية التعبير عن مشاعر الحب وسهولة ظهورها، وانتقد الجفاف لدى البعض وتبريرهم بأنهم لم يتعلموا ذلك في بيئتهم السابقة.
وقال: الكل يؤمن بأهم سمة في العلاقة الزوجية، وهي ظهور المشاعر الايجابية، فلا بدّ أن يتعلم الزوجين التعبير عنها من خلال ”أعمدة الحب الأربعة“ وتتمثل في "الاهتمام، والتقدير، والاحترام، والتفهم.
وبين أن الاهتمام يشمل إشعار الآخر أن راحته واستقراره النفسي والعاطفي يقع تحت مسؤوليته، ويتضمن ”التقدير“ المدح، واقتناص الفرص العاطفية بإظهار السعادة عن كل سلوك أو تعبير إيجابي يصدر من الآخر، موضحاً أن هذا التراكم هو ما يصنع المشاعر والعاطفة بينهما.
وحذر من ”الإحباط“ نتيجة غياب التقدير، موضحاً أنه من الاحتياجات الإنسانية الهامة، وعبّر عنه بالسبب الخفي في ”ظهور المشاكل“ الزوجية، بالإضافة إلى غياب المشاعر الايجابية ونظام الإثابات واقتناص الفرص العاطفية.
وحذر من الرسائل الوهمية التي يصدرها العقل بسبب بعض المواقف غير الجيدة، وفي أن الزواج مصدر قلق، موضحاً أنها علاقة ”تكامل“ وتفضل وإحسان، وليست تنافس، ومن يحب فيها أكثر يتفضل بالإحسان فيها أكثر من الآخر، مما يزيد رصيده من عاطفة الحب.
وتطرق إلى دور ”السمات الشخصية“ في تحديد طريقة التعامل مع المشكلة، فقد يكون أحدهما هاديء حكيم ودود انبساطي ذو عقلية منفتحة، والآخر انفعالي، لوّام، انطوائي، ذو عقلية منغلقة، مشيرًا إلى أهمية الميل نحو الانبساطية، خاصة في العلاقة مع الأهل، لدورها في الاندماج، وكونها خط مساندة لهما.
وبين أن إدراك الزوجين للمشكلة أو الموقف الضاغط يؤثر على طريقة التعامل معها، فما يراه البعض موقف عادي ويمكن حدوثه بين أي زوجين، يدركه البعض أنه ضده، فيرتفع مستوى الاستثارة لديه، وتشتغل الدفاعات النفسية.
وأضاف: قد يحتاج الزوجين لخبرة مهارة حل المشكلات من المختص الأسري والدورات لإدارة الانفعال، وتعطيل الدفاعات النفسية، والتعامل مع المشكلة وكيفية النظر لها.
ولفت إلى أهمية الاحتضان أو ”التواصل الجسدي“ في تحجيم مناطق النقد وتثبيطها، وأحياناً يكفي 30-60 ثانية ليهدأ الانفعال، ومنه سعي الزوجين لإيجاد رابط عصبي بينهما كالضغط على اليد للإشارة بالهدوء في بعض المواقف.
وبين أن النقد يتضمن نظرة الشخص لنفسه على أنه لا يخطيء، ويتوجه باللوم أو التقييم والحكم الأخلاقي للآخر فيستفزه وتتأجج المشكلة.
وأشار إلى ما قد نفتقده من أنواع التواصل فترة الخطوبة، وهو ”المعرفي“ ويتضمن نقاش الخاطبين في علاقتهما وحياتهما المستقبلية وطرق تنميتها، واكتشاف بعض أخطاء التواصل فيها، وكذلك طرق التربية حيث سيصبحون آباء قريباً.
وبين أن العلاقة الزوجية مشروع وجداني كبير وعالي، وهي نواة المجتمعات الإنسانية، وباستقرارها يستقر المجتمع، وأفضل أنواعها ”التوافقية“ التي تعمل بكفاءة، وتتضمن تبادل واضح للآراء، والتنازلات المتكافئة.
وحذر من العلاقة الندية التي يبحث فيها كل طرف على المكانة وتتضمن ”التسلط“ بشقيه الواضح والناعم، مشيراً إلى أن الأولى ديكتاتورية تقوم بفرض الرأي، والثانية قد تندرج ضمن ”الخضوع“ المغلف بالتسلط الناعم، ويجد فيه الشريك نفسه في النهاية مجهد ومستنفذ نفسياً.
وذكر أن المشاكل الزوجية تقع غالباً بسبب العلاقة الخاصة، أو ميزانية الأسرة، أو تربية الأبناء، أو العلاقات الاجتماعية، أو السمات الشخصية.
وحذر من الأمور التي قد يدفع ”لتوقف التواصل“ بينهما، ومنها الطبيعة الشخصية كما التجنبية، والإهمال، والتوقعات غير الإيجابية، التعود الزائد كالركود وعدم التحديث واقتناص وصناعة الفرص العاطفية، أو المبادرة، مؤكداً على أن ”العلاقة التي تقوم على الفضل والإحسان أكثر إنسانية من التي تقوم على الحق والواجب“.
وتطرق إلى بعض ما يؤدي إلى ”تحسين الاستجابة“ عند وقوع المشكلة؛ ومنها ”تعلم طرح المواضيع دون نقد أو لوم أو حكم أخلاقي“ كاستخدام عبارات ”أنت السبب - أنت دائما تفعل كذا“، وأهمية ”الإنصات“ وعدم الاندفاعية فقد أكون أنا المخطيء فاعتذر ”من لايتواضع لا يستطيع أن يحب“.
وأكمل: ”تسجيل وملاحظة الاستجابات السلبية لدى الآخر“، كغياب حيويته ومبادراته بسبب عدم تقدير مواقفه الإيجابية، ”واستراتيجية الابتعاد المؤقت“ الآمن ”و الذي قد يتطلب عدة ثواني أو تغيير الوضعية والمكان، والعودة للشريك وإخباره بالجهوزية للحديث والهدوء،“ إعادة البناء المعرفي ”وقد يتضمن التشوهات المعرفية،“ النظر للمشكلة من وجهة نظر الطرف الآخر".
واختتم الاخصائي الراشد كلمته بتقديم نموذج ”سبار“ لحل المشاكل الأسرية والنظر لها بطريقة إبداعية؛ والذي يبدأ بتعريف المشكلة، والخلفية السابقة كيف كانت، تخمين الأسباب للمشكلة، توصيات وحلول لكل سبب محتمل.
يشار إلى أن الملتقى الحواري قد حضره العديد من الخاطبين، واشتمل أيضا على ورشتي عمل؛ وتضمن كلمة للشيخ صالح آل ابراهيم عن التخطيط للزواج الناجح، وكيفية الاستعداد له من عدة جوانب، وعدم وضع الكتلة على الأمور المادية فيه وليلة العمر.