بالصور.. ملتقى الفنار يحتفي بأوديسا «صيحة البابلي» في الدمام

أحيا ملتقى الفنار أمسية شعرية ممسرحة بعنوان ”صيحة البابلي“ للشاعر البحريني مهدي سلمان وبصحبة الموسيقى العازف حسن حداد، بحضور نخبة من الحضور النخبوي في جمعية الثقافة والفنون بالدمام.
وقدم الملتقى الشاعر والفنان للجمهور، ورحب سلمان بالحضور، مستعرضاً جوقة الأمسية التناغمية التي جعلت من عزف صديقه الفنان حسن حداد وأنغام موسيقاها جزءاً لا يتجزأ من جمالها.
بدأ سلمان افتتاح نصه الميثولوجي لصيحة البابلي بصوته المنفرد الذي يغنيه سابحاً بين السماء والأرض بدفق شعوري عال يتجول بين الهمس الفاتن الممسك بموسيقاه الشعرية، وأبحر الحضور معه لمدة 66 دقيقة في أمسية حافلة بالروعة والجمال الممسرح للقصيدة.
وتميزت الأمسية بأداء حسن حداد على العود، الذي أضفى على النصوص والوتر لمسات فنية متقنة، ليصبح العزف جزءاً من النص، ونثراً موسيقياً يفيض بالإيقاعيات الجذابة والأنغام الصاعدة، ويتغنى باللغة العارمة التي تمليها طبيعتها الموسيقية.
واستعرض سلمان قصائده ونثره بأسلوب مميز، حيث ناغمت اللغة الشعرية والرصينة بلحن العزف، ومدخل النص المفتتح بقوله: ”محمرة شفة السماء على جبين الأرض، وهذه قبلة بفم الرحيل“.
ومع العزف بأكثر إيقاعيته، فاضت الروح بين القلبي والروحي والسمعي والعيني، كفعل شعري تمسرحه قصيدة التفعيلة والنثر ضمن ضوابطها السياقية الشعرية والرصينة، لتخرج الأمسية بعد أن استحوذت على قلوب الحضور وأذهانهم.
وفي تجربة شعرية مبتكرة، اجتمع الشاعر ”سلمان“ مع جمال اللغة والعزف لتقديم أفكار نص شعري غني. ويتميز هذا النص بتقنية التقابل والنقيض والصوت الحداثي العالي المتنوع والفريد، مع توظيف رائحة الميتافورية كعلامة فارقة للصيحة البابلية.
وفي أدائه للنص، قدّم ”سلمان“ أفكاره بأسلوب فني متقن يستثمر صوته الداخلي بمختلف التقنيات الموسيقية، لينقلنا إلى عالم الروحانية والفلسفة.
وفي ختام النص، انتقل ”سلمان“ إلى الفلسفة الكاشفة لما بعد الوجود، وذلك من خلال التمدد عبر لغته الخاصة لجذور المدرك وغير المدرك، والاحساس العالي والمؤثر نحو الالتحام بالفلسفة الكاشفة.
ويعد هذا النص إضافة جديدة لتجارب الشعر المبتكرة، وهو يشكل دعوة للاستماع إلى الصوت الداخلي للإنسان، والتأمل في الحياة وما بعدها، والتفكير في معنى الوجود والمعنى الحقيقي للقيامة.
وقدّم الشاعر ”مهدي سلمان“ صاحب الأصول العراقية عرضًا فنيًا ينبض بالجمال والتعقيد.
واستخدم ”سلمان“ اللغة والموسيقى لينقلنا عبر صيحة البابلي إلى عالمه الآخر، حيث تكرر الشفاه التي تلوك الكلام ويتحول النص لصوت منفرد واحد صادح بالشك والأسئلة.
بدوره، استخدم الموسيقي ”حسن حداد“ مهاراته الموسيقية لتأثير المستمع واستدعاء مشاعره وأفكاره.
ويتضح من خلال النص القوة القائمة بين اللغة والموسيقى، حيث يتم استخدام الموسيقى والأصوات بشكل متقن لتأثير على المستمع واستدعاء مشاعره وأفكاره. ويبدو أن الشاعر ”مهدي“ يتحدى اللغة والموسيقى لتقديم تجربة فنية مميزة تجذب الانتباه وتثير العواطف والأفكار.
ومن خلال الاستخدام المبدع للغة والصوت، ينجح النص في التعبير عن الصراعات الداخلية للإنسان ومشاعره وأفكاره الخفية والمجهولة، حيث يتبع ”سلمان“ في عروجه على نغمة أخرى كموجة سابحة، ليضع على كاهل النص صراعه الغنائي بين العمى والمخيال والرؤية، ويصل النص بمحطاته الملتبسة بين النشأة الطينية وثقل الموت إلى قيامته وما بعدها.
وكانت هذه التجربة الشعرية والموسيقية المبتكرة جزءًا من فعاليات ملتقى الفنار الذي نظّمه ملتقى الفنار، والذي استضاف الشاعر ”مهدي سلمان“ والموسيقي ”حسن حداد“.