«زهراء الجابر» تحول غرفة العناية المركزة إلى ملاذ فني لمحاربة آلامها

حولت الشابة زهراء الجابر غرفة العناية المركزة التي تقطنها منذ 11 شهرًا باحدى المستشفيات بمدينة الخبر إلى ملاذٍ تشكيلي تمارس فيه موهبتها الفنية لتقضي على ساعات الألم المصاحبة لها وتحولها إلى لحظاتٍ مفعمة بالأمل.
الشابة الجابر والتي تعاني من ضيق تنفسٍ وانحناءٍ في عمودها الفقري دخلت إلى مرافق المستشفى وهي في حالة نفسية مكتئبة لكنها أبت بأن تظل حبيسة غرفتها ما بين أصوات الأجهزة وتناول العقاقير لتسجل اسمها ما بين أسماء الملهمين وقصص الناجحين.
وعزمت الجابر في رحلتها العلاجية بأن تجعل الفرشاة واللوحات والألوان صديقتها ومرافقتها طيلة الوقت، لتبدع بإخراج عشرين لوحة فنية رغم ما تعانيه من آلامٍ جسدية جعلتها طريحةً للفراش.
وكان لطاقم المستشفى مبادرة إيجابية في جعلها تحقق أمنيتها حيث بادر الطاقم بعمل شراكة مجتمعية مع جمعية الثقافة والفنون في افتتاح أول معرض لها في البهو الرئيسي للمستشفى بعنوان ”Zahra Art Gallery“ اليوم الثلاثاء ومن ثم معرض آخر في الجمعية.
وتضمن برنامج الافتتاح على كلمة راعي الحفل، وكلمة والديها، وكلمة مدير جمعية الثقافة والفنون، وكلمة الفنانة حميدة السنان، وفيديو عرض مرئي ”يوم في حياة فنانة“، ورسائل إلى زهراء، وافتتاح المعرض، وتكريم الرعاة والمشاركين.
وقدم مدير العلاقات العامة في المستشفى تركي القحطاني شكره العميق لجمعية جمعية الثقافة والفنون وعلى رأسهم يوسف الحربي على دعمهم الكبير لمعرض زهراء ومبادرتهم الطيبة بأن يكونوا شريكًا استراتيجيًا لهم في باقي المعارض القادمة.
وأبدى إعجابه بالمعرض الذي احتوى على 20 لوحة فنية، مؤكدًا على الشراكة المجتمعية التي ستكون مع جمعية الثقافة والفنون كل شهر.
وأشار لرغبتهم بعمل معارض مصاحبة لكل شخص من المرضى المنومين طويلي الأجل حيث ستكون هنالك شراكات أخرى.
وأوضح سعادته بالانطباع الإيجابي للحضور والإنساني العظيم، حيث كان الاحتفال بحضور محافظ محافظة البيضاء عبدالله البراك والجهات الحكومية الأخرى والخاصة.
وأكد على أهمية الشراكة المجتمعية التي هي من ضمن رؤية ولي العهد بين القطاعات الحكومية والخاصة وتضافر الجهود في المسؤولية الاجتماعية.
وقدم شكره لصحيفة ”جهات الإخبارية“ على حضورهم الإعلامي وعلى المواقف الإنسانية.
ومن جانبه، عبر مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام يوسف الحربي عن فخر الجمعية بأي شراكة سواء مع القطاع الخاص أو الحكومي أو القطاعات غير الربحية.
وقال: وجودنا في المستشفى للمساهمة في المعرض واجبٌ علينا كجمعية، ومن الواجب المساهمة في أي معارض بها جانب إنساني.
وقدم شكره لاهتمام المستشفى بهذه التجربة وبإقامة المعرض والمساهمة بترتيبه.
وأشاد بدور الإداريين والطاقم الطبي من الممرضين والممرضات ممن وقفوا بجانب زهراء وتحقيقهم لأمنيتها بأن ترسم داخل غرفة العناية مما ساهم في تخفيف عبء الآلام بداخلها.
وتحدث عن دور الفن وما يقدمه من أعمال وقضايا تحكي عن الأمل والألم، مثنيًا على ما شاهده من اهتمام ورعاية لزهراء رغم الألم ورغم المدة الزمنية التي قضتها في العناية.
وقدم شكرها لكافة الجهود التي ساهمت في المعرض، مشيرًا إلى مبادرة الجمعية باستضافة المعرض واستضافة أعمال زهراء.
وأكد على أن هذه الاستضافة ستخرج المعرض الفني من دائرة المستشفى والممرضين وأقارب زهراء إلى المجتمع والجمهور بشكل عام.
وتابع: عرض أعمال اللوحات التي تنطق الأمل والألم في أعمالها إلى الجمهور وساحة المجتمع وعامة الجمهور الفني جميع هذه الأشياء ستفيد الفنان وترفع من معنوياته وتفيد المجتمع.
وعبر عن تقديره لهذه الرسالة التي ينقلها الفن لأنه ينقل ما يحصل في التاريخ ويجسد ويرتب وينظم ويعالج القضايا.
وبكلماتٍ يملؤها الفخر والاعتزاز استعاد عبد العزيز الجابر ”والد زهراء“ الذكريات الأولى لابنته في المستشفى، مستذكرًا الحالة النفسية المتعبة والاكتئاب الذي كان يصاحب ابنته عند دخولها للمستشفى.
وأوضح بأن جهود المستشفى والممرضين والأطباء أعطت زهراء دافعًا بحيث أصبحت تعمل مشاركات للأطباء وقامت بعمل جوائز خفيفة فضلًا عن ابتسامتها التي جذبتهم لقضاء وقت أطول عندها.
وذكر بأن الطاقم الطبي أصبحوا يمدونها بكلمات الأمل والتفاؤل بأن يكون غدًا أفضل، حامدًا الله الذي منَّ عليها بالتغيير من حالة الاكتئاب التي كانت عندها إلى حالة التفاؤل والسرور.
وبين اطمئنانهم القلبي عليها بعد تحسنها النفسي حتى حينما يرحلون عنها للمنزل حيث أصبحوا يشعرون بأنها بين أهلها إذ أصبح الطاقم الطبي قريبًا منها ويساعدها على اجتياز هذه المرحلة، مما ساهم في إبداعها حيث أصبحت غرفتها ملاذًا تبعد عنها الاكتئاب والحزن وتنقلها لمشاعر الفرح والتفاؤل.
وقدم شكره لكل من ساهم بتقديم كلمة طيبة أو نظرة أو جاء لمشاهدة أعمالها الفنية، مؤكدًا على أن الجميع منحوها دافعًا للأيام القادمة بأن تكون أفضل، ومثنيًا على الحضور والدعم الإعلامي لأنه أساس الكلمة الطيبة.
وعبر عن أمنيته بأن يمن الله عليها بالخروج في أقرب فرصة من المستشفى.
وعبرت حميدة عبداللطيف ”والدة زهراء“ عن سعادتها الغامرة بما آل إليه حال ابنتها، مؤكدة على أن شعورها لا يوصف ويعجز لسانها على الكلام بما رأته من دعمٍ واهتمام حيال موهبة زهراء.
وتحدثت عن أمنيتها بأن ترى ابنتها فنانة مشهورة وأن تحقق كل ما تتمناه.
وذكرت بأن حال ابنتها كحال أي مريض يمتلأ بالوحدة إلا أنها كرست وحدتها في تطوير مهاراتها في الرسم.
وأشارت إلى أن موهبتها تم اكتشافها منذ إن كانت في مراحل الدراسة الابتدائية حيث كانت تستخدم جميع الأدوات الفنية في لوحاتها، بالإضافة إلى امتلاكها موهبة الأعمال اليدوية كالكروشيه.
وعبرت الفنانة التشكيلية مريم الشملاوي عن انبهارها بلوحات زهراء التي تنوعت ما بين الرصاص والفحم والأكريليك والأعمال اليدوية.
وتحدثت عن مهاراتها وشغفها الفني رغم حالتها الصحية إلا أنها استطاعت أن تنتج بطريقة جدا رائعة.
ووصفت المعرض بالجميل، مشيدة بالدعم الجميل لحالتها النفسية والذي من شأنها أن يعطيها أملًا في الغد ويجعلها تشرق في أيامٍ أكثر.
وأكدت مدربة الرسم والفنانة سعدية آل حمود بأن الفن التشكيلي والألوان يعطي دواءً روحيًا إلى الشخص الطبيعي فكيف بمن يشعر بالآلام، مشيرةً إلى أن ذلك يخرجه من الحياة التي هو فيها أو الشعور السيء أو السلبي الذي يتملكه.
وأشادت بالطريقة التي تعاملت بها الفنانة زهراء مع الفن، وكيف قامت بتقديره إذ جعلته أفضل من الدواء الفعلي العقاقير حيث تحدت الألم واختارت الفن دواءً لروحها وجسدها.
وذكرت تأثرها بقصتها ورغبتها بالتعرف عليها وتشجيعها وتقديم المباركة لها على إنجازها الجميل.
وأبدى محمد الرصبيعي دهشته من مستوى الاحترافية في معرض زهراء وانبهاره بتنوع الشكل والفرشاة وطريقة الرسم.
وأشار إلى أن زهراء تعد متعددة المواهب ولكن أهم شيء أذهله في معنى الصور وعمق الصور هو قوة الإنسان وقدرته على اختراق كل الحجب لكي يصل لمبتغاه.
وتمنى لها التوفيق والسعادة، مؤكدًا على أن أمثالها في العالم قليل وأن وجودها خير وسعادة لهذا العالم
ومن جهتها، تقدمت الفنانة حميدة السنان بالشكر الجزيل للطاقم الخاص والعامل بالمستشفى الألماني بالدمام لأنهم اعتنوا بهذه الفنانة ذات الموهبة.
وأكدت على أن الفنانة زهراء مثالًا يحتذى به لكل مريض، مشيرة لأهمية أن يلجأ أي أحد لديه معاناة أو مرض إلى الكتابة أو تفريغ الشحنات من خلال الأعمال اليدوية فكيف بالفنون الجميلة التي تجعل من الإنسان سعيدًا.
وأشادت بما قام به الطاقم من جهدٍ في إقامة معرض شخصي لزهراء، متحدثة عن إحدى لوحاتها والتي تعكس معاناة الفنانة زهراء وآلامها وكيف أنها تأخذ بعض الأحيان الأبر، وكذلك طرحها لبعض المعاناة التي تعاني منها من خلال أكياس المغذي وغيرها.
وأكدت على أن الفنان يعكس معاناته ومجتمعه، مسلطة الضوء على الفنانة العالمية فريدا كاهلو والتي عانت وعكست معاناتها والآن تباع أعمالها بالملايين.
وقالت بأنه لا بد أن يلجأ الإنسان ممن لديه موهبة معينة مثل الغناء أو الرسم أو الكتابة أو غيره لموهبته اثناء الصعوبات التي تواجهه الجسدية والحياتية.
وشددت على ضرورة تدريب عضلة اللسان حتى ولو أصاب الإنسان ثقل فيه، حيث أن تدريب العضلات على فن الكلام والالقاء والاناشيد وتدريب اليد على الرسم يعطي الإنسان حياة ويحقق له ذاته ويمنحه مزيدًا من الامتداد في الحياة ومحاولة التواصل مع المجتمع والتفكير.
وتابعت: يمكن للإنسان أن يصبح خلاقًا إذا عالج نفسه بالفن.
ومن جهتها، وصفت الفنانة نرجس العامري صاحبة معرض فخامة خشب المعرض بالرائع والجميل، معبرة عن شرفها بالتواجد في معرض الفنانة زهراء، ومؤكدة على ضرورة دعمها ودعم هذه الفئة الموهوبة.